"عراق على صفيح ساخن".. كتاب شيركو حبيب عن ذاكرة وطن فى شرق أوسط ملتهب

الأحد 28 ديسمبر, 2025

صدر حديثا كتاب "عراق على صفيح ساخن.. ذاكرة العراق فى شرق أوسط ملتهب، للكاتب الصحفي شيركو حبيب، ليكون متاحا لجمهور معرض القاهرة الدولي للكتاب خلال يناير المقبل.
الكتاب عن دار أم الدنيا للدراسات والنشر والتوزيع، فى 204 صفحات من القطع المتوسط، سطر مقدمته الأستاذ الدكتور محمود زايد الخبير بشؤون الشرق الأوسط والمتخصص في الشؤون الكوردية، يقول: "ليس من السهل على أي كاتب تناول شؤون العراق المعاصرة تنظيرا وتحليلاً وتفسيرا بالشكل الذي يعبر فيه بدقة وموضوعية عما يدور في أروقة العراق المتنفذة والفاعلة، فحلبة قضايا العراق هي الأكثر تعقيدا وشائكية في دول المنطقة: انطلاقا وارتباطا بالظروف التي أسس عليها هذا البلد منذ أكثر من مائة عام، ومرورا بالسياسات التي تلاطمته وتلاطم هو بها، إضافة إلى الحروب الدموية الداخلية والخارجية التي تورط فيها بلا ناقة أو جمل غير دماره وتراجعه وتعدد وتباين ولاءاته بالصورة التي أثرت على كيانه، فتجرأت عليه قوى إقليمية وأخرى دولية نيلاً من سيادته واستقلاله ونهما لمقدراته وخيراته، وبالتالي لم يهنأ الشعب العراقي المعاصر بما يذخر به بلده من غنى في الثروات وقدرة في الطاقات بالقدر الذي استحوذت عليه تلك الدول الإقليمية والدولية بطرق مقننة وغير مقننة، وباتفاقيات مجحفة غير عادلة تسببت فيها بعض أنظمة الحاكمة ثمنا لكرسي حكمها، حتى وإن كان على حساب حقوق بعض مكوناته وترابه.
يضيف زايد: "هذا الكتاب، يعد غوصا معرفيا وفكريا في نحو سبعين مقالا تهدف إلى الأخذ بيد العراق نحو الطريق الصحيح من خلال رؤية المؤلف الذي نجح في اختراق شائكية العراق المتشابكة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا خلال الخمس سنوات الماضية (2020-2025م)، ليس فقط لأن كاتبه من أصحاب الأقلام الفكرية الثاقبة، ولا باعتباره شخصية سياسية متمرسة، ولا لكونه أحد الذين اكتووا بنار تلك السياسات، فذاقوا مرارة اللجوء والتهجير والملاحقات، وإنما أيضا لكون موضوعات الكتاب معبرة عما يدور في الداخل العراقي بموضوعية دون تجميل أو تشويه، بمعنى أن المؤلف شيركو حبيب الصحفي الكردي العراقي، تمكن من الإلمام بمواطن الأمراض في الداخل العراقي الساخن والمتأزم في شرق أوسط ملتهب، ونجح في تشخيص هذه الأمراض وتوصيفها ووضع حلول الإنقاذ لها بأسلوب سلس و ممنهج وغير معقد، بما يجعل القارئ ينتقل من نقطة إلى أخرى ومن فكرة إلى أخرى تراتبيا وبنائيا دون انقطاع أو ملل أو غرابة، بصورة تأخذ القارئ إلى نافذة أمل تقول: إن للعراق مخرجا يبحث عمن يملك مفتاحه وأن له فجرا يبحث عمن يحمل مصباحه. 
ومن أهم ما يؤكد عليه الكتاب، أن هناك إمكانية لإنقاذ العراق من مشكلاته الداخلية والخارجية مهما كانت صعبة ومهما كانت معقدة إذا توفرت الرغبة الصادقة بإعلاء المصالح العليا على المصالح الشخصية والحزبية والمذهبية والطائفية، إذا تم احترام مواد الدستور الذي توافق عليه الشعب العراقي في استفتاء عام 2005م، إذا كانت السيادة فيه للمواطن أيا كان عرقه أو دينه أو مذهبه، وإذا كان ولاه الجميع فيه للعراق الدولة، للعراق التاريخ والحضارة".
ويرى زايد؛ أن الكتاب، يعزز فكرة وجود إمكانية لإنقاذ العراق من مشكلاته الداخلية والخارجية مهما كانت صعبة أو معقدة، إذا توفرت الرغبة الصادقة بإعلاء المصالح العليا على المصالح الشخصية والحزبية والمذهبية والطائفية، وتم احترام مواد الدستور الذي توافق عليه الشعب العراقي في استفتاء 2005، وكانت السيادة فيه للمواطن أيا كان عرفه أو دينه أو مذهبه، وأصبح ولاء الجميع فيه للعراق الدولة والتاريخ والحضارة.
فالكتاب يحتوى على كثير من الأمور التي تلفت الانتباه، وتجعلنا نقف كثيرا أمامها، بخاصة النظرة الموسوعية الواضحة للكاتب، ونجاحه في تخطي حواجز الحدود السياسية والذهنية من الداخل العراقي والكوردي إلى الرأي العام العربي والدولي، وبالتالي لا نستغرب أبدًا أن نجد كتابا أغلب ما فيه يتحدث عن شؤون العراق، وأكثر من ثلثي مادته تنشرها الصحف الكبرى وأبرزها "الأهرام" وهو أول كاتب عراقي وكوردي يدخل قائمة كتابها المنتظمين. وكأنه يدعو من هذا التوجه الرأي العام العربي عبر أهم منبر عربي وفكري وهو مصر، إلى الاهتمام بالعراق ومساعدته في خلق واقع ومستقبل مستقر له، فمنطقة الشرق الأوسط تكون قوية بعراق قوي، وكأن الكاتب يدعو العراق نفسه من ناحية أخرى إلى فتح باب جديد من العلاقات العراقية العربية يكون أكثر رحابة في مجالي التعاون والتكامل". 
و في تقديمه المؤلف يقول الكاتب الصحفي حسين متولى: "لم تشهد الصحافة المصرية حضورًا منتظما لكاتب كوردي على صفحاتها المطبوعة والإلكترونية، بقلمه وعلمه وحديثه، مثلما جاء شيركو حبيب إليها بمعلومة ورأي وتصريح ونقد وتدقيق، زينت مقالاته كبريات الصحف المصرية منذ سنوات، ومثلت غزارة كتاباته فرصة للباحثين عن معلومة مؤكدة في الشأن الكوردي، وهو القريب من صناع القرار في إقليم كوردستان، وقادته كافة، وقد استخدم قلمه بمنهج متزن وحرفية شديدة، ركز بداية على تقديم أسباب التقارب والمصير والقدر المشتركين بين شعبي مصر وكوردستان، وجذور و تاريخ العلاقات، وحضور الكورد إلى مصر قبل قرون، وذوبان عائلات بكاملها من هذا العرق النقي في المجتمع المصري بكافة طبقاته منذ وصول صلاح الدين الأيوبي إلى ما بعد العائلة البدرخانية، مركزا على المرحلة المعاصرة من تاريخ هذه العلاقات، والتي زرعت بذرتها بإطلاق أول صحيفة ناطقة بلغة الشعب الكوردي عام 1898 من مصر وطبعها بدار الهلال، ثم استقبال الزعيم جمال عبد الناصر للزعيم الكوردي ملا مصطفى بارزاني أوائل أكتوبر عام 1958". 
يضيف حسين متولى: "قدم حبيب من خلال كتاباته صورة واضحة للشعب الكوردي، وتاريخه وتكوينه وثقافته، مركزا على قضيته مدافعا عن عدالتها بأدلة تزيل الشكوك في حكوماته وتوجهاتها ومرادها، فتجده مشددًا على تمسك قادة كوردستان بالدستور العراقي والفيدرالية، معززا فكرة تمسك الكورد بوحدة العراق رغم كون حدوده السياسية قائمة وغيره من البلدان على أراضي كوردستان بقسمة وحسبة قوى الاستعمار القديم، يصحح مسار المنحازين للماضي وتشوهاته. وبالإشارة إلى واقع ما بعد 2005 وما يحتاجه العراق من توافق ونبذ للخلاف حتى ينطلق نحو المستقبل، يرفض التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي الوطني يدحض مزاعم المشككين في موقف الكورد من القضية الفلسطينية، فيؤكد دوما على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وعاصمتها القدس، ويسخر في كتاباته من تشبيه المتطرفين سياسيا الإقليم بالكيان الصهيوني، أو وصف عاصمته أربيل بأنها تل أبيب الثانية. ومع كل استحقاق انتخابي عراقي، يعاود شيركو حبيب الكتابة عن محنة البلد المستمرة منذ عقدين،ومظاهرها صعوبة التوافق على تشكيل حكومة بناء على نتائج الانتخابات، وهي ظاهرة ممتدة لإقليم كوردستان ذاته تعبر بوضوح عن محنة البيت الكوردي وتباين توجهات الأحزاب والقوى الكوردستانية رغم أحكام الديمقراطية القاطعة المستندة للصناديق وما أقرته وأملته إرادة المواطنين، محذرا دوما من حالة شقاق تهدد مستقبل البلد في عالم متقلب ومنطقة ملتهبة منذ رسم خارطة الشرق الأوسط، الذي ظهر اصطلاحا للمرة الأولى على لسان وينستون تشرشل عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، وتطور كمشروع ذي أبعاد وأهداف متعددة معقدة برؤية القطب الأوحد بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001، وتغير معه العراق كلية في 9 أبريل عام 2003. 
وينوه "متولى"، إلى تشخيص شيركو حبيب أزمة العراق في تغييب الدستور، فهو "يحدد أسبابا واضحة للخلافات غير الصحية بين بغداد وأربيل، ويقدم حلولاً عملية لها، تنطلق من رؤية واضحة لقادة كوردستان نحو ضرورة التوافق، وأولهم الزعيم مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي وفقيه الكورد، الحاضرة رؤيته في كافة جولات الحوار العراقية، ولا تفوت كتاباته تعريف مطالعها بمرجعية الكورد المعاصرة ملا مصطفى بارزاني، مؤسس الحزب وأول من رفع معه شعار «الديمقراطية للعراق»، لتكون مطلبًا لكافة فئاته وطبقاته التي تحالفت مع ثورات الكورد اللاحقة، ضد ديكتاتوريات متعاقبة، مذيلاً كتاباته بإشارات قوية لتضحيات الكورد التى تجاوزت حالات الثورة إلى جرائم أنظمة بحقهم، وصولاً إلى المواجهات المباشرة للبيشمركة مع تنظيم داعش منذ العام 2014، بالشراكة مع الجيش العراقي، وقد حل وباء كورونا بعد خطر الإرهاب، ليمثل تحديا جديدا الحكومة الإقليم، التي خصص شيركو حبيب مقالات مهمة للحديث عن دورها وإنجازاتها، وما تحقق في كوردستان من إصلاحات وتنمية جعلت من الإقليم واحة للاستقرار وملجأ لمئات الآلاف من الأعراق الأخرى خلال الأزمات، بجانب تطور تشريعاته الاقتصادية ليكون جاذبا للاستثمار الذي تشرح مقالات حبيب فرصه للمصريين والعرب، مثلما تنقل تحديثات عن تطور مكانة أربيل لدى البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية، وقد كانت مصر أولى الدول العربية التي تفتح قنصلية لها هناك".